حديث رقم 5749 - من كتاب المستدرك على الصحيحين - كِتَابُ مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ

نص الحديث

5749 أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُعَاوِيَةَ السَّيَّارِيُّ شَيْخُ أَهْلِ الْحَقَائِقِ بِخُرَاسَانَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ : أَنَا أَبُو الْمُوَجِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْمُوَجِّهِ الْفَزَارِيُّ ، أَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ ، أَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الشُّمَيْطِ بْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ أَسْلَمَ الْعِجْلِيَّ يَقُولُ : حَدَّثَنِي أَبُو الضَّحَّاكِ الْجَرْمِيَّ ، عَنْ هَرِمِ بْنِ حَيَّانَ الْعَبْدِيِّ قَالَ : قَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَلَمْ يَكُنْ لِي بِهَا هَمٌّ إِلَّا أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ أَطْلُبُهُ وَأَسْأَلُ عَنْهُ ، حَتَّى سَقَطْتُ عَلَيْهِ جَالِسًا وَحْدَهُ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ نِصْفَ النَّهَارِ ، يَتَوَضَّأُ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ ، فَعَرَفْتُهُ بِالنَّعْتِ ، فَإِذَا رَجُلٌ لَحِمٌ ، أَدَمُ ، شَدِيدُ الْأَدَمَةِ ، أَشْعَرُ ، مَحْلُوقُ الرَّأْسِ - يَعْنِي لَيْسَ لَهُ جُمَّةٌ - كَثُّ اللِّحْيَةِ ، عَلَيْهِ إِزَارٌ مِنْ صُوفٍ ، وَرِدَاءٌ مِنْ صُوفٍ ، بِغَيْرِ حِذَاءٍ ، كَبِيرُ الْوَجْهِ ، مَهِيبُ الْمَنْظَرِ جِدًّا ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيَّ وَنَظَرَ إِلَيَّ ، فَقَالَ : حَيَّاكَ اللَّهُ مِنْ رَجُلٍ ؟ فَمَدَدْتُ يَدِي إِلَيْهِ لِأُصَافِحَهُ ، فَأَبَى أَنْ يُصَافِحَنِي ، وَقَالَ : وَأَنْتَ فَحَيَّاكَ اللَّهُ ، فَقُلْتُ : رَحِمَكَ اللَّهُ يَا أُوَيْسُ وَغَفَرَ لَكَ ، كَيْفَ أَنْتَ رَحِمَكَ اللَّهُ ؟ ثُمَّ خَنَقَتْنِي الْغَيْرَةُ مِنْ حُبِّي إِيَّاهُ ، وَرِقَّتِي لَهُ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حَالِهِ ، مَا رَأَيْتُ حَتَّى بَكَيْتُ وَبَكَى ، ثُمَّ قَالَ : وَأَنْتَ فَرَحِمَكَ اللَّهُ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ كَيْفَ أَنْتَ يَا أَخِي ؟ مَنْ دَلَّكَ عَلَيَّ ؟ قُلْتُ : اللَّهُ ، قَالَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا حِينَ سَمَّانِي وَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُهُ قَطُّ ، وَلَا رَآنِي ، ثُمَّ قُلْتُ : مِنْ أَيْنَ عَرَفْتَنِي ، وَعَرَفْتَ اسْمِي ، وَاسْمَ أَبِي ، فَوَاللَّهِ مَا كُنْتُ رَأَيْتُكَ قَطُّ قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ ، قَالَ : نَبَّأَنِي الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ ، عَرَفَتْ رُوحِي رُوحَكَ حَيْثُ كَلَّمَتْ نَفْسِي نَفْسَكَ ، أَنَّ الْأَرْوَاحَ لَهَا أَنْفَسٌ كَأَنْفُسِ الْأَحْيَاءِ ، إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَعْرِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَيَتَحَدَّثُونَ بِرُوحِ اللَّهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقُوا ، وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا وَيَتَعَارَفُوا ، وَإِنْ نَأْتِ بِهُمُ الدِّيَارُ ، وَتَفَرَّقَتْ بِهُمُ الْمَنَازِلُ ، قَالَ : قُلْتُ ، حَدِّثْنِي عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيثٍ أَحْفَظُهُ عَنْكَ ، قَالَ : إِنِّي لَمْ أُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ تَكُنْ لِي مَعَهُ صُحْبَةٌ ، وَلَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا قَدْ رَأَوْهُ ، وَقَدْ بَلَغَنِي مِنْ حَدِيثِهِ كَمَا بَلَغَكُمْ ، وَلَسْتُ أُحِبُّ أَنْ أَفْتَحَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نَفْسِي أَنْ أَكُونَ مُحَدَّثًا أَوْ قَاضِيًا وَمُفْتِيًا ، فِي النَّفْسِ شُغْلٌ يَا هَرِمُ بْنُ حَيَّانَ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا أَخِي ، اقْرَأْ عَلَيَّ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَسْمَعْهُنَّ مِنْكَ ، فَإِنِّي أُحَبُّكَ فِي اللَّهِ حُبًّا شَدِيدًا ، وَادْعُ بِدَعَوَاتٍ ، وَأَوْصِ بِوَصِيَّةٍ أَحْفَظْهَا عَنْكَ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ وَقَالَ : أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قَالَ : فَشَهِقَ شَهْقَةً ، ثُمَّ بَكَى مَكَانَهُ ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ رَبِّي تَعَالَى ذِكْرُهُ ، وَأَحَقُّ الْقَوْلِ قَوْلُهُ ، وَأَصْدَقُ الْحَدِيثِ حَدِيثُهُ ، وَأَحْسَنُ الْكَلَامِ كَلَامُهُ : { وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ } حَتَّى بَلَغَ { إِلَّا مَنْ رَحِمَ اللَّهُ إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } ، ثُمَّ شَهِقَ شَهْقَةً ، ثُمَّ سَكَتَ فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ ، وَأَنَا أَحْسِبُهُ قَدْ غَشِيَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ مَاتَ أَبُوكَ ، وَأَوْشَكَ أَنْ تَمُوتَ ، وَمَاتَ أَبُو حَيَّانَ ، فَإِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ ، وَمَاتَ آدَمُ ، وَمَاتَتْ حَوَّاءُ يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ مُوسَى نَجِيُّ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ دَاوُدُ خَلِيفَةُ الرَّحْمَنِ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الرَّحْمَنِ ، وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ ، يَا ابْنَ حَيَّانَ ، وَمَاتَ أَخِي وَصَفِيِّي وَصَدِيقِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، ثُمَّ قَالَ : وَاعُمَرَاهُ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ ، وَعُمَرُ يَوْمَئِذٍ حَيٌّ ، وَذَلِكَ فِي آخِرِ خِلَافَتِهِ ، قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : رَحِمَكَ اللَّهُ ، إِنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعْدُ حَيٌّ ، قَالَ : بَلَى ، إِنْ تَفْهَمْ فَقَدْ عَلِمْتَ مَا قُلْتُ أَنَا ، وَأَنْتَ فِي الْمَوْتَى ، وَكَانَ قَدْ كَانَ ، ثُمَّ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَدَعَا بِدَعَوَاتٍ خِفَافٍ ، ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ وَصِيَّتِي إِلَيْكَ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، كِتَابُ اللَّهِ ، وَاللِّقَاءُ بِالصَّالِحِينَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَقَدْ نَعَيْتُ عَلَى نَفْسِي ، وَنَعَيْتُكَ فَعَلَيْكَ بِذِكْرِ الْمَوْتِ ، فَلَا يُفَارِقَنَّ عَلَيْكَ طَرْفَةً وَأَنْذِرْ قَوْمَكَ إِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ ، وَانْصَحْ أَهْلَ مِلَّتَكَ جَمِيعًا ، وَاكْدَحْ لِنَفْسِكَ وَإِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تُفَارِقَ الْجَمَاعَةَ فَتُفَارِقَ دِينَكَ ، وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ فَتَدْخُلُ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يُحِبُّنِي فِيكَ ، وَزَارَنِي مِنْ أَجَلِكَ ، اللَّهُمَّ عَرِّفْنِي وَجْهَهُ فِي الْجَنَّةِ ، وَأَدْخِلْهُ عَلَيَّ زَائِرًا فِي دَارِكَ دَارِ السَّلَامِ ، وَاحْفَظْهُ مَا دَامَ فِي الدُّنْيَا حَيْثُ مَا كَانَ ، وَضَمَّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَرَضِّهِ مِنَ الدُّنْيَا بِالْيَسِيرِ ، وَمَا أَعْطَيْتَهُ مِنَ الدُّنْيَا فَيَسِّرْهُ لَهُ ، وَاجْعَلْهُ لِمَا تُعْطِيَهُ مِنْ نِعْمَتِكَ مِنَ الشَّاكِرِينَ ، وَاجْزِهِ خَيْرَ الْجَزَاءِ ، اسْتَوْدَعْتُكَ اللَّهَ يَا هَرِمُ بْنَ حَيَّانَ ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ لِي : لَا أَرَاكَ بَعْدَ الْيَوْمِ رَحِمَكَ اللَّهُ ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الشُّهْرَةَ ، وَالْوَحْدَةُ أَحَبُّ إِلَيَّ لِأَنِّي شَدِيدُ الْغَمِّ ، كَثِيرُ الْهَمِّ ، مَا دُمْتُ مَعَ هَؤُلَاءِ النَّاسِ حَيًّا فِي الدُّنْيَا ، وَلَا تَسْأَلْ عَنِّي ، وَلَا تَطْلُبُنِي ، وَاعْلَمْ أَنَّكَ مِنِّي عَلَى بَالٍ ، وَلَمْ أَرَكَ ، وَلَمْ تَرَنِي ، فَاذْكُرْنِي وَادْعُ لِي ، فَإِنِّي سَأَذْكُرُكَ وَأَدْعُو لَكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، انْطَلِقْ هَا هُنَا حَتَّى أَخَذَ هَا هُنَا ، قَالَ : فَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَسِيرَ مَعَهُ سَاعَةً فَأَبَى عَلَيَّ ، فَفَارَقْتُهُ يَبْكِي وَأَبْكِي ، قَالَ : فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي قَفَاهُ حَتَّى دَخَلَ فِي بَعْضِ السِّكَكِ ، فَكَمْ طَلَبْتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَسَأَلْتُ عَنْهُ ، فَمَا وَجَدْتُ أَحَدًا يُخْبِرُنِي عَنْهُ بِشَيْءٍ ، فَرَحِمَهُ اللَّهُ ، وَغَفَرَ لَهُ ، وَمَا أَتَتْ عَلَيَّ جُمُعَةٌ إِلَّا وَأَنَا أَرَاهُ فِي مَنَامِي مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ كَمَا قَالَ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :